يظهر أنّ الشّاميّين عموما كانوا يستخدمون لفظة (رأس) بمعنى (واحد) ،
تماما كما يقول اللبنانيون اليوم : (رأس غنم) ، و(رأس بقر) ، و(رأس خيل) ،
يريدون واحدا من هذه الحيوانات . كذلك استخدموا اللفظ (أوّل) بالمعنى نفسه
. وقد أطلق العرب في العصر الجاهلي ، على اليوم الأول من الأسبوع اسم
(أوّل) ، والأوّل تعني مبتدأ الشيء ، يقال : (أوّل الغيث قطر ثمّ ينهمر) .
قال البحتريّ :
وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه وأوّل الغيث قطر ثمّ ينهمر
ومن الطبيعي أن يسمى اليوم الأوّل من الأسبوع (أوّل) لأنه مبتدأ
الأسبوع . واللفظ (واحد) من جذر ساميّ مشترك : (حد)، ولا اعتبار للألف
والواو، والياء التي تضاف في أوّله . والمعنى الأصيل لهذا الجذر هو
(الفصل)، و(التفرقة) ، ومن ثمّ معنى الوحدة ، - ويظهر هذا المعنى واضحا في
قول أبي تمّام :
السيف أصدق إنباء من الكتب في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
والضّم الذي هو إضافة وحدة إلى وحدة أخرى . ومن فكرة (الفصل) ، و(الحدّ)
أخذوا فكرة الواحد المنفصل المستقلّ عن غيره . و(الأحد) في اللغة العربية
هو (الوحيد الفرد) ، واسم من أسماء الله تعالى ، وهو الفرد الذي لم يزل
وحده ، ولم يكن معه آخر . وما تزال اللغة السريانية تحتفظ بشكله الثّنائيّ
الأوّل : Had . كذلك يظهر في اللغة العربية بدون ألف في أوّله بلفظ (حادي
عشر) . أمّا في اللغة العبرية ، والسّبئيّة ، والفينيقيّة ، فيظهر هذا
الجذر بألف في أوّله : Ehadh